مذبحة رابعة بين فجر العسكر وسذاجة قادة الاخوان
رابعة بين الجندية والقيادة
قطعت وفجرت فيها الرؤوس، وحرقت المصاحف والمساجد والنفوس.
وصف هذا اليوم بما حدث فيه يكاد يكون مستحيلا، أهوال الموت تأتيك من كل مكان، عن يمينك وعن شمالك ومن تحتك ومن فوقك.
سبقه الحرس الجمهوري والمنصة، كالتمهيد ليوم الوعيد، والتنبيه على السحق والمحق.
صمود من الشباب والنساء والرجال والشيوخ عجيب، وثبات ودفاع عن الحق كبير وجليل.
جنود دفعوا أغلى الأثمان، وضحوا بالأرواح والأبدان، وارتفعوا فوق حطام الدنيا الركام.
أحلى شباب وأجمل فتيات وأنقى رجال وأروع نساء قتلن واستشهدن بلا ذنب ولا جريرة.
سألت أحد الإخوة أيام الاعتصام وقبل الفض هل من رؤية للحل مع الاعتصام ؟
فكان الجواب الإنقلابيون أحقر من فض الاعتصام، وأقل من المواجهة الشعبية بحراكها وتجمعها الكبير في رابعة والنهضة وغيرها.
النظرة للانقلابين كانت دونية، وأنهم أقل وأحقر من الانتصار علينا.
جلسنا مع أحد أعضاء مكتب الإرشاد للوقوف على المشهد بعد الانقلاب في رابعة، فما كان منه أيضا إلا التهوين من هذه الحفنة المنقبلة، وأن الجيش ليس موافقا على الانقلاب، وأن هناك معلومات مؤكدة أن هناك ضغوطا على الانقلابين من الجيش، وأن المسألة مجرد وقت لا إكثر ولا أقل، وأن هناك مبادرة من دول خارجية تلزم الانقلابين بالعودة إلى الثكنات.
الصورة التي رسمها أننا منتصرون لا محالة، وأن الجند منهزمون، بكل ثقة وأريحية واطمئنان، لا تخافوا المسألة مسألة وقت ويندحروا ويتراجعوا.
أريد أن أصدق الكلام، لكن نفسي غير مطمئنة للحال، وبالأخص بعد الحرس الجمهوري وقتل الساجدين، واعتفال المئات من المعتصمين وضربهم وسحقهم.
كانت الأوامر تأتينا بالمرور على المخيمات، وتثبيت الناس بالنصر والتمكين، وأنه مجرد اختبار وامتحان عارض وسيزول قريبا أو بعد قريب.
ذهبت أكثر من مرة إلى خيمة القيادة لاستكشاف الرؤية، ومعرفة التوجهات، فلا أرى إلا كلاما في النصر والتأييد من الله.
لم تكن قضية الفض متصورة عند كثير من القادة، وأن الجلوس في رابعة سيحرج الانقلابين محليا ودوليا وعالميا، والتراجع من الانقلابين شبه أكيد.
القادة لم يتصوروا فجر العسكر، ولا حجم المؤامرة الدولية والعالمية المؤيدة للانقلابين، فجاء تصرفهم على قدر تصورهم، الصبر والثبات في الميدان حتي تعود الشرعية كاملة غير منقوصة.
حجم المعلومات التي جاءت للقيادة والتي بنت عليها قرارها بالصمود والثبات في الميدان والتي تبين خطأها ليس بالقليل.
فقدان الرؤية، ومن ثم عدم الجاهزية لكل الحلول أورد الصف الثوري الذبح في مهلكة رابعة.
صحيح التضحيات كبيرة وعظيمة وجليلة من الشباب وغيرهم، لكنها في الحقيقة مقتلة عظيمة يتحمل وزرها من قاد وتصدر.
إما أن نكون على قدر المواجهة أمام قوة السلاح والدبابة، وإما التراجع للخلف والتفاوض على المتاح وبقدر المستطاع.
أما الوقوف أمام الدبابات بصدور عارية، وإذا قابلونا بالبارود قابلناهم بالورود كما قال أحد أعضاء مكتب الإرشاد، فهذا أقل وصف له سذاجة وسطحية في إدارة الصراع.
تسليم رقاب آلاف الشباب والفتيات للقتل وهم أطهر شباب مصربلا ثمن من القيادة جريمة لا صمود فيها، وعار لا حكمة فيه، ومثالية بعيدة عن فن المواجهات، وإدارة الصراعات.
رابعة في نظري جمعت بين جنود أطهار أبرار ضحوا بكل غال ونفيس، وقيادة لا تعرف سوى سلميتنا أقوى من الرصاص.
مبدا لا يعرفه شرع ولا عرف ولا قانون عند مواجهة البغاة والخوارج والمحاربين لله ولرسوله.
إما أن تتصور طبيعة المعركة فتعرف أدواتها، وإما أن تتراجع، أما الوقوف للذبح للآلاف من أبناء الثورة المصرية بدعوة السلمية، ومئات الآلاف من المعتقلين والمطاردين، واغتصاب البنات، فهذه مثالية غير مبررة.
تبرير الأخطاء باسم الصمود والملحمة والثبات جريمة أخري فيها من التضليل والتهوين من كارثة المذبحة التي صنعتها القيادة بأيديها.
إذا جاءت ذكرى رابعة العدوية فلتخرس الألسن التي شاركت في الذبح، ومهدت بغبائها للقتل.
أصبحت رابعة بدل التقييم والتقويم وأخذ المبادرة مباراة للكلام وكسب المواقف المحدودة، من أناس على الأقل ماتت ضمائرهم، فنسوا صمود الرئيس، والقصاص للشهداء، وتربية الشباب لطبيعة المعركة المفروضة.
ليس أمامنا من حل سوى الصمود الذي لا يعرف الانكسار، والتربية التي لا تعرف الهزار، وبناء المقاومة المناسبة التي لاتعرف إلا الشرعية والقصاص.
اللعب على حبال الثبات والنصرجاي جاي، والله فوق الجميع، كلمات حق يراد بها باطل، وتسليم للقتل والإعدام الذي لا ينتهي بالليل والنهار.
تعليقات
إرسال تعليق